© حقوق النشر :sk4

..............
اصبـرْ واحتسبْ، عليـكَ سـلامُ الله يا عُمـَـرُ
للتاريخ، كما للّغة عالمٌ خاص ومَكنونٌ فريدٌ تُعلَن به وعبرَهُ الحقيقةَ ويَظهَرُ به باطن العالم بعيدا عن منطق الناس وإراداتهم، فقد حدث منذ قرابة 1400 سنة أن كان في الأمة رجل اسمه عمر ابن الخطاب، وصار أولَ " أمير مؤمنين "، ولِعَدلِه التاريخي صار " الفاروق "، صادَف حُكمُه الوجود المَخضرَم لشاعر هجّاء شتّام لقبُ شُهرته الحُطيـئة، ذات مرة صادَرَهُ عمرُ وألقى به في السجن وحرَمَه فرصةَ إعالةِ صغاره وأهل بيته الفقراء بسب الهجاء والتَّقوُّل في عموم الناس، فكان أن قال الشاعر المذنبُ راجيا :
ماذا تقول لأفراخٍ بِذِي مَرخٍ / زُغبُ الحَواصِلِ لا ماءٌ ولا شجرُ
ألقيتَ كاسبَهُم في قَعرٍ مُظلمة / فاغفرْ عليكَ سلامُ اللهِ يا عُمَرُ
رغم خَطيئة الحُطيئة وذنبه الكلامي، بكى عمرُ من خشية الله والخوف على مصير وقُوت أفراخ / أطفال صغار، وُضِع كاسبُهم/ مُعيلُهم الوحيد في سجن بعيدا عنهم. أما وقد مرّت كل هذه السنوات العجيبة وعاد الزمان مغربيا هذه المرة وعليه " أمير مؤمنين " بامتداده إلى شجرة الدوحة المباركة، ومكَرتِ اللغةُ، فصار الشاعرُ إماما فقيرا إلى الله ألقتْهُ الحياةُ في قعر مظلمة من العمى والفاقة، وكان اسمه عمر، واسم " أمير المؤمنين " محمد السادس نصره الله سليل نبي الأمة محمد عليه السلام، وباسم اسمه الشريف، استُصْدِر حكمٌ جائر لا ترضاه قوانين السماء ولا مُواضَعاتُ الأرض، قرار بلا تعليل أو حُجة ولو واهية، فقط أن الضرير البائس عمرُ له انتماء لجماعة سياسية معارضة، وحتى بذلك الانتماء ألا يكون هذا الرجلُ الخَلُوقُ الضريرُ ضمن جماعة المؤمنين يا سليل الدوحة النبوية الشريفة ؟، يا أمير المؤمنين، ماذا يقول أصحاب القرار لأربعة فِراخ بسوق الأربعاء، وبلا خطيئة أو ذنب كلامي، حُرِم كاسبُهم " شَرْط/ راتب " الإمامة من جماعة المُصلين بعد أن عُزل جورا واستعداءً، وقد قضى في ذات المسجد بحومة الجولان 13 سنة إماما لم يَذُقْ يوما درهما واحدا من الوزارة الوصية، وقبلها 8 سنوات بضواحي المدينة في نفس الحال ؟. يا أمير الفقراء، ها هو نداء الشاعر ينظر إليك راجيا، كما خاطب وتَرجّى عمرَ ابن الخطاب، وكأن التاريخ يُعيد صدى الألم والمواجع:
فامْنُنْ على صِبيَةٍ بالرمل مسْكنُهم / بين الأباطِح يغشاهُم بها القدرُ
نفسي فداؤك كـم بيني وبينهـم / من عرْضِ واديَةٍ يعمى بها الخبَرُ
صاحبَ الجلالة، إنهم باسمك وصورتِك العزيزة إلى الناس، يُدبِّجون المظالم ويعيثون قهرا وحرقا في أرزاق ضِعاف الناس ومُستضعَفيهِم، فما حدث أن أَهمَل الرجلُ المقهورُ المُحتسبُ، أمرا أو إجراء أو عرفا تقتضيه مهمته إماما وخطيبا، وما كان لهم أن يجدوا مُبرِّرا أو حُجّة يتذرَّعُون بها، ولكن كيْدَ الكائدين ومكر هُواة الليل طالَهُ، يا صاحب الجلالة والمهابة، يأ أميرَ المؤمنين إن عمرَ مظلومٌ فانتصر نصرَكَ الله .
ملحوظة : كانت زيارة سريعة الترتيب، نتمنى استمرارَها وتعدُّدَها مع باقي الشرفاء، ويا أخانا عمر اصفح عن عجزنا المُريب.


newssk4 جريدة محلية مستقلة تهتم بشؤن سكان المدينة وأخبارها