بقلم الكاتب / محمد السكني
لم يكن في الحسبان معروف بأن ثمة مجاديف كبيرة باتت تغير من القواعد المعتادة لأصحاب مراكب الصيد ، وفي عرض البحر شباك تصل بسرعة وهدوء إلى الضحية المرتقبة ، دون أي صوت ، بينما القراصنة ينتظرون نتائج المحاولة عن بعد.
لحظات وكل أصحاب المجاذيف الصغيرة ، يبحثون عن نصيبهم الموعود من اللحم الطري ، والطعام الشهي ،و فجأة سمكة تفلت من حوت قيل بأن بطنه قد امتلأ بالسمك ، السمكة تناديهم بالغلابة وتقول : إن القدر محتوم وشعبكم يعوم والتجار ينتظرون باقي أخواتنا عند التخوم.
هكذا هي غزة الحبيبة لم تعد العبارات تجدي نفعاً والناس حالها كئيبة وقد أصبحت جواريب الساسة حبلى بالأمثلة الفريدة ، لم يكتفي تجار غزة الكبار بحصار اليهود لبني جلدتهم ، ولم يكتفوا بإغلاق المعبر لهم بل نحتوا على بيوتهم كاتبين:
بائع غزة ينوح أكله حيتان البحر
يبكي أنا مجروح آلمني ذاك الصخر
جيبوهم مليئة بالمال و فقراء غزة عن الطعام يبحثون وإذا طُلبت منهم الصدقة فأغلبهم لم يعد ميسور الحال ، هكذا يقولون ، حيث غني أحدهم في أوبريت غزة الشهير / إني أتنفس تحت الماء إني أغرق.
ينسبون كل شيء يفعلوه للحكومة ، بل ويرفعون أسعار البضاع وقت الحروب ويزيفون تواريخ المنتجات علهم ينجون من تلك الكروب.
الضحية قبل محاولة الإنعاش الأخيرة في غرفة الموت المنتظر غنت أبياتاً من الشعر قائلة : وصيتي لكم إن كنت لا أعود ….. ألتقي بكم في جنة الخلود
إذاً فقدنا شخصاً آخر والثالث ينتظر حتفه بعد تلحين أغنية غير وصيتي تلك
هكذا هي النظرية العامة ، وإن كان الأمر كذلك فلا يعني أن الخير قد انعدم ، مع أنه ثمة بصيص يلوح في الأفق ؛ لكنه يعاني من إسداد في الأفق ذاته لصمام الحياة المرتقب.
سكت بعض الساسة عن فضح الحيتان البشرية أصحاب المجاديف الغليظة ،إما بدعوى أنهم لا يعلمون ، أو أنهم للفتنة يكرهون ، وللشعب يحبون.
كيف لا وكل الناس يعرفون حيتان البلد هم تجار الحرب ، نحو الاحتكار يهرعون ، من دفع الضرائب يتفلتون وعلى منصة الإعدام يعلنون أنهم يموتون .
والقانون : أصبح من الصعب ملاحقتهم ، معرفة حتى منهم ،إنهم كبار البطون ، وإذا برسالة من رقم مجهول لا تتكلم فبعضهم من صنع القانون .
